كانت درجات الحرارة الشديدة التي تعرضت لها الهند وباكستان في مارس وأبريل هي الأشد والأكثر انتشاراً واستمرارية في تاريخ المنطقة. ووجدت دراسة صدرت يوم الاثنين أن التغير المناخي الذي يسببه الإنسان جعل هذا الحدث التاريخي أكثر احتمالية بثلاثين مرة على الأقل. وأضافت أن تغير المناخ أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بنحو 1.8 درجة فهرنهايت (1 درجة مئوية).

«فريدريكه أوتو»، المؤلفة المشاركة في الدراسة، استنتجت خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي أن «ما كان استثنائياً وغير معتاد على وجه الخصوص هو كيف بدأت الموجة الحارة في وقت مبكر».

وقد شهدت الهند في شهر مارس أعلى ارتفاع لدرجات الحرارة في 122 عاماً، بينما شهدت باكستان وشمال غرب ووسط الهند أشدها حرارة في أبريل. وحطمت درجات الحرارة الشهرية العديد من الأرقام القياسية في كلا البلدين. على مدى الشهرين، أثرت درجات الحرارة الشديدة على ما يقرب من 70% من الهند و30% من باكستان.

وتوصلت «أربيتا موندال»، وهي مؤلفة مشاركة وأستاذة في المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي، إلى قناعة بأن هذا الحدث الحراري «كان مستبعداً للغاية» في عالم لا يشهد تغيراً في المناخ.

تسبب الحر في حصد أرواح الناس في جميع أنحاء المنطقة. ولم يعد العمال قادرين على العمل في الخارج لأيام كاملة، مما شكل ضغطاً على سبل عيشهم واقتصادهم. ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تشهد المناطق الزراعية الرئيسية في الهند انخفاضاً بنسبة 10 إلى 35% في غلة المحاصيل بسبب موجة الحرارة، مما دفع أسعار السوق المحلية للارتفاع وخفض إمدادات القمح العالمية في الوقت الذي تشهد فيه هذه الإمدادات مشاكل بالفعل بسبب الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا. كما اندلعت مئات من حرائق الغابات في جميع أنحاء الهند. وفي باكستان، تسبب ذوبان الجليد في فيضان بحيرة جليدية وتدمير جسر مهم.
في جميع أنحاء البلدين، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في 90 حالة وفاة على الأقل.

تم إجراء التحليل بوابسطة مبادرة World Weather Attribution، التي تستخدم النمذجة الحاسوبية للتحقيق في الروابط بين أحداث الطقس الجارية وتغير المناخ. وقد أجرى الفريق عمليات محاكاة باستخدام 20 نموذجاً مختلفاً مع وبدون تأثيرات تغير المناخ بفعل الإنسان لتحديد تأثير ارتفاع درجات الحرارة على حجم الحرارة. تأتي النتائج، التي لم تتم مراجعتها بعد من قبل الأقران، من منهجيات راسخة تم استخدامها في التحليلات السابقة، بما في ذلك موجة الحرارة شمال غرب المحيط الهادئ لعام 2021.

قالت أوتو إن تقدير الدراسة لتأثير تغير المناخ متحفظ بسبب قلة البيانات وأن ارتفاع درجات الحرارة ربما زاد من احتمال وقوع الحدث «أعلى 30 مرة».

تم إصدار الدراسة بعد خمسة أيام فقط من صدور تحليل مماثل من مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، والذي وجد أن احتمالية حدوث طقس دافئ بشكل قياسي في أبريل ومايو في شمال غرب الهند وباكستان أصبحت أكثر ترجيحاً بنحو 100 مرة بسبب تغير المناخ. وقالت «أوتو» إن تقدير مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة قد استند إلى نموذج واحد، وهو في نطاق عدم اليقين في دراستهم.
وأضافت: «تظهر كلا الدراستين أن تغير المناخ هو نقطة تحول حقيقية عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من موجات الحرارة. والرسالة الرئيسية التي يجب استخلاصها هنا هي أنه صحيح أن التكيف مع الحرارة هو الشيء الأساسي المطلق الذي يجب القيام به في الحياة في كل جزء من أجزاء العالم، ولكن أيضا بشكل خاص في هذا الجزء من العالم».
ووجدت الدراسة أن مثل هذه الموجة الحرارية ستزداد احتمالية بمقدار 2 إلى 20 مرة إذا ارتفعت حرارة الكوكب إلى 3.6 درجة (درجتين مئويتين) فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعة.
لقد ارتفعت درجة حرارة الهند بالفعل بنحو 1.8 درجة (1 درجة مئوية) منذ عصر ما قبل الصناعة، بينما ارتفعت درجات الحرارة في باكستان بمقدار 2.2 درجة (1.2 درجة مئوية).

تضيف الدراسة إلى عدد متزايد من الأبحاث التي تؤكد كيف يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الظواهر الجوية المتطرفة في جميع أنحاء العالم. وفقاً لأحدث تقرير مناخي للأمم المتحدة صدر العام الماضي، تُظهر الأدلة أن موجات الحرارة قد زادت في جميع مناطق اليابسة تقريبا بسبب تغير المناخ.

وحسب روبرت فوتارد، مدير معهد بيير سيمون لابلاس في باريس والمؤلف المشارك للعديد من الدراسات مع مجموعة World Weather Attribution: «درسنا العديد من موجات الحرارة وفي جميع الحالات باستثناء حالة واحدة، كان يتم تقييم تغير المناخ بوضوح باعتباره المحرك الرئيسي للتغير في الاحتمالية».

ومن المنتظر أن يواجه شمال الهند وباكستان جولة أخرى من الحر في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وبعد بعض الفترات من الطقس البارد نسبياً في الأيام العديدة القادمة، من المتوقع أن ترتفع الحرارة بواقع عدة درجات فوق المتوسط من الجمعة إلى عطلة نهاية الأسبوع.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»